ظاهرة الضرب فى المدارس آفة تقتل أجيال..تعرف على الأسباب والحلول


انتشرت في الآونة الأخيرة فى بعض الدول العربية ظاهرة "الضرب فى المدارس"، ومعاقبة الطلاب والطالبات بعقاب قاسي ومهين وهو عن طريق ضربه سواء بالعصا أو باليد أو تصل إلى ما هو أكبر من ذلك وبطرق أكثر قسوة  


وتحولت إلى مشكلة حقيقة يصعب السيطرة عليها في ظل غياب الجهات الرقابية للمؤسسات التعليمية… فلماذا وصل التعليم إلى هذه النقطة ؟!


  ظاهرة الضرب فى العموم


سياسة الضرب هى نظام قديم فى أغلب البيوت العربية إذ أن فى عقول بعض الآباء أنه لا تربية بدون ضرب ، وفى الدول العربية لا يعد ضرب الأباء لأبنائهم جريمة يعاقب عليها القانون وذلك عكس البلاد الأوروبية.


حيث أنه فى الدول الأوروبية إذا ضرب الأب ابنه أو بنته ، تقوم الدولة بتغريمه مبالغ كبيرة وقد يصل إلى حد السجن، فلكم التخيل كم الغرامات التى ستتم إن حدث هذا الأمر فى الوطن العربي.


 وقد لا يكون الضرب مبرح ولا موجع جسدياً كما هو نفسياً حيث يقلل من  كرامة الانسان وثقته بنفسه، ولكن بعض الآباء لا يعيرون اهتماما لكرامة طفلهم بحجة أنهم هم المتحكمون في زمام الأمور وليس الأبناء


 ويستمر الأمر هكذا فى المدارس ، فيرى المعلم أن لا يعير احتراما للطفل و أن يعامله بتعالى وتقليل من شأنه فيقوم بضربه فى كل الأمور بغرض تربيته وتعديل سلوكه. 


 بعض الأهالي تفضل الضرب


ولكن الغريب أن العديد من أولياء الأمور يظنون أن فعلا الضرب هو الوسيلة الأمثل للتربية ، فنجد منهم من يذهبون للمدرسة لمقابلة المعلمين لتوصيتهم بأن لا يوفروا جهدا في ضرب أبنائهم إذا لم يلتزموا. 


 وذلك مع الجملة الشهيرة "اكسر وأنا أجبس ". وهذا ليس كرها فى أولادهم ولكن إيمان منهم أنه لا توجد طريقة أفضل من ذلك للتعليم ، وأنهم تربوا كذلك فإن يصير اى شئ لو تربي أولادهم بنفس الطريقة. 


 الجيل غير الجيل


وهى جملة صحيحة تماما ، فنحن لسنا أجدادنا ولا آباءنا ولا اولادنا ، فكل منا له صفات وسمات مختلفة ، فحتى لو نجح الضرب قديما مع جيل سابق ، لن ينجح مع الأجيال القادمة ، وينتج اجيال معقدة نفسياً ،ناقمة على حياتها وعلى أسرتها والدولة كلها وكثيرة العنف. 


لماذا زاد تعنيف الأطفال في المدارس 


سمعنا قديما من أجدادنا أن الحيوانات مثل  الحمار لا يفهم بالكلام، ولذلك يضرب مرارا وتكرارا لكي يواصل السير في الطريق، وعلى الرغم أن الكلام صحيح فهو لا يفهم الكلام ولكنا كنا نمقت بشدة  ذلك التعنيف الموجه له

فهو فى النهاية له روح ،فكيف لنا أن تتقبل تعنيف أطفال صغار بحجة مواصلة السير في طريق العلم ، فهم بشر لهم عقول ولهم طرق آخري للتعامل والفهم وبالتأكيد الضرب ليس حل .



 تعريف كلمة العنف 


كلمة عنف هى نقيض لكلمات للتربية والتعليم فهى تهدر الكرامة الإنسانية ، وتقوم علي تهميش الطرف الآخر"المعنف" واحتقاره والحط من قيمته الإنسانية التي كرمها الله.


كما يعرف العنف  أيضا بأنه سلوك إيذائي يقوم على استبعاد الآخر عن طريق الحط من قيمته أو عن طريق تحويله إلى تابع أو بطرده خارج الساحة أو عن طريق الايذاء المعنوي أو الجسدي . 


 كما يتضمن العنف عدة مفاهيم مثل الكراهية والتهميش وحذف الطرف الاخر، والعنف سلوك مكروه وغير مقبول في جميع انحاء العالم وذلك على الرغم من انتشاره في أغلب دول العالم العربية . 

اضرار العنف 

 يولد العنف إحساس بعدم الثقة وتدني مستوى الذات لدى الطلاب أو الشخص المعنف وهذا يكون مفهوم سلبي تجاه النفس والآخرين والعنف الذي يمارس تجاه الطالب لا يتناسب مع أبسط حقوقه وهو حرية الذات.


دور المدرسة فى التربية والتعليم 


يقضى الطالب فى المدرسة نصف عمره ، حيث تعتبر المدارس هى البيت الثاني للطفل ، ولها مسؤولية كبيرة مثل دور الأسرة تماماً فى تعليم المبادئ الدينية والتربوية والتعليمية الصحيحة للطلاب، وإخراج جيل واعي متعلم ومحترم ومثقف من اجل مجتمع أفضل .


أسباب العنف في المدارس 


 فى بعض المدارس تكون فيها المنظمة لا تعرف كيفية التعامل الصحيح مع النشأ الجديد لذلك يلجأ البعض إلى العنف والضرب ويعتبر ذلك طريقة تعليم ، فينعكس ذلك على الطالب فيكون الطالب أيضا عنيف مع الغير وتستمر هذه الطريقة فنرى:


  • عنف الطلاب بين بعضهم البعض

  •  او من قبل المعلمين بين بعضهم البعض 

  • او يكون العنف المدرسي بين المعلم والطالب 



أشكال العنف المدرسي 


  • من طالب لطالب أخر 

عن طريق الضرب

يتعلم الطالب من من هم أكبر منه سياسة الضرب ، فيصبح طالب عنيف يضرب طالب آخر أضعف منه سواء باليد ، بالدفع بأداة، بالقدم ، ويكونوا عبارة عن مجموعة اطفال يجتمعون على ضرب طفل واحد .


عن طريق التخويف والتحقير 


وهنا يقوم بعض الطلاب بتهديد الطرف الاقل قوة بالضرب المباشر او التحقير من شأن طالب آخر ضعيف البنية الجسدية او لانه يعاني من مرض او إعاقة او السمعة السيئة لأحد اقاربة .



  • من طالب على المدرسة 


وهنا يعمل الطالب أعمال عنف فى المدرسة عن طريق:

  •  تكسير الشبابيك والأبواب ومقاعد الدراسة .

  •  الحفر والكتابة على الجدران .

  •  تمزيق الكتب .

  •  تكسير وتخريب الحمامات .

  • تمزيق الصور والوسائل التعليمية والستائر .


من طالب على المعلم 


وهذا يكون أخطر الأنواع ، حيث يقلل الطالب من قيمة المعلم ويقوم بالتعدى عليه من خلال: 

  • تحطيم أو تخريب ممتلكات خاصة بالمعلم أو المدير .

  • التهديد والوعيد .

  •  الاعتداء المباشر.

  •  الشتم أو التهديد في غياب المعلم أو المدير .


من المعلم على الطلاب 


وهو النوع السائد والمنتشر فى أغلب المدارس العربية ويكون عن طريق العديد من الطرق وهى كالتالى :


  • العقاب الجماعي وهو عن طريق  معاقبة الجميع بالضرب إذا أخطأ طالب واحد فقط فيتم معاقبة الجميع. 

  • التحقير أو السخرية من طالب أو مجموعة من الطلبة أمام زملائهم فى الفصل .

  • الاضطهاد ، حيث يتم اضطهاد طالب بعينه والتحقير منه دائماً .

  • التفرقة في المعاملة بين الطلاب مما يؤدي الى كره المعلم والمادة في نفس الوقت.

  • فرض الرأي وعدم سماع آراء الطلاب الاخري والتهميش من مقترحاتهم .

  •   النظرة القاسية ونظرة الاحتقار للطالب أمام زملائه .

  •  التهديد المادي أو التهديد بالرسوب - التحقير من قدر الطالب ووصفه بالفاشل دائما.


طرق العنف المدرسي


-العنف الجسدي في المدارس


وذلك عن طريق تعنيف الطالب بدنيا و استخدام القوة الجسدية لضرب التلميذ عن طريق استخدام أداة لتنفيذ العقاب وإلحاق الضرر في جسده فى يده أو قدمه أو أى مكان فى جسده 


ويعد ذلك العقاب من أكثر أشكال العنف انتشاراً  وأكثرها إهانة وذل للطالب حيث يتعرض للضرب والعنف الجسدي بالضرب بالأيدي أو الأدوات، اللطم، الرفس أو الركل بالأرجل، الدفع، الخنق، الحرق أو الكي بالنار.


العنف النفسي في المدارس


ولا يقل العنف العنف النفسي فى الاذاء عن العنف الجسدي للطلاب، حيث يتعرض الطالب لكل الإساءات اللفظية التي يستخدمها المعلم  مثل السخرية والاستهزاء، قمع حرية الرأي وفرض الآراء بالقوة، توجيه الكلمات البذيئة للطلاب وطردهم من الحصة الدراسية.


عدم التواصل يحدث فجوة 


ويسمى عدم التواصل بين الطالب والمعلم بالعنف التواصلي ، حيث أن  طرق التدريس التقليدية فى أغلب المدارس العربية لا تتيح للطلاب التعبير عن آرائهم وأفكارهم ويفقد بذلك التواصل مع مدرسه فتحدث فجوة كبيرة بينهم فى الحوار والتعليم على حد سواء.



نتائج العنف في المدارس 


 ولا يخلق العنف المدرسي سوى طالب ضعيف الشخصية أو طالب عنيف ، وطبقاً لدراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا الأمريكية فإن الطالب المعنف يكون فى المستقبل فى حالة من الحالات التالية:


  • طالب كثير الكذب في كل أمور حياته ، حيث يخشي العقاب فيقوم بالكذب 

  • يكون  عصبي ولديه توتر زائد بسبب عدم إحساسه بالأمان النفسي - يفقد القدرة على التركيز والانتباه

  •  يلجأ إلي الحيل مثل التمارض والصداع والمغص من اجل الغياب من المدرسة .

وقد تتفاقم المشكلة ويصل بأن يصاب ب:

  •  بالتبول اللا إداري

  •   الانطواء 

  •  مشاعر إكتئابية .

  •  تدني المستوى الدراسي .

  •  الهروب من المدرسة او التأخر عن المدرسة 

- كره التعليم للمدرسة والمعلمين


لماذا يلجأ المعلم إلى العنف 


هناك بعض المعلمين  يعانون من عدم معرفة الطريقة الأمثل لفرض هيبتهم أمام التلاميذ ، ويريدون الحصول على الاحترام والتقدير والرهبة ولكي يتغلبوا على هذا الأمر باتوا يلجؤون إلى الضرب


 ولكن لا يتحقق ذلك حيث ان المعلم الذي يتبع هذه الطريقة الخاطئة سوف يُنتج للمجتمع مزيدا من النافرين للمدرسة وللعلم


هيبة المدرس بالحب لا بالضرب


المعلم الصحيح يكون له احترام وتقدير وهيبة ليس بالضرب بل بالتعامل الجيد مع تلاميذه مهما كان مستوى التلميذ متدنيا ولأن مهمته أن يعلم ويربي أجيالا قادرة على نفع مجتمعها

 فالمدرس الذى يتعامل بحب ومودة مع طلابه يكون خير مثال للمدرس الصحيح وخير من يخرج جيل مثقف وواعي ومحترم.



 حلول لوقف العنف المدرسي


المعلم 

نبدأ بالمعلم والذى هو أساس العملية التعليمية كلها لذا من الضروري إخضاع المعلمين لدورات تأهيلية قبل البدء في ممارسة التعليم والحرص الدائم على إطلاع المعلم على آخر التطورات فيما يخص المهارات التعليمية.


المناهج الدراسية 


ويجب أن تعمل الدولة على إجراء تعديلات في المناهج الدراسية لتصبح أكثر سهولة، واستخدام طرق جديدة لإيصال المعلومات.


اخصائي نفسي واجتماعي


يجب أن يكون فى كل مدرسة عدة أخصائيين  ويفضل أن يتواجد أخصائي نفسي وآخر اجتماعي، سيساعد الأخصائي في علاج المشاكل التي يتعرض لها الطلاب وذلك سيساعد المدرس أكثر على التعامل مع كل طالب وفقاً لحالته .


قوانين للحد من انتشار هذه الظاهرة

وضع قوانين تضبط العملية التعلمية، وتجريم كل معلم يستخدم أي نوع من أنواع العنف ووضع عقاب قاسي لكل من يمارس ذلك العقاب  


لائحة التعليم ومنع الضرب

 

ووفقًا للقرار الوزاري رقم 287 لسنة 2016 الصادر عن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بشأن لائحة الانضباط المدرسي، تم التشديد على حظر استخدام العقاب البدني والنفسي للطلاب وتفعيل دور الأخصائي الاجتماعي في المدارس.



طرق التوجيه والعقاب الصحيحة 


هناك طرق للعقاب بعيدة عن الضرب تماماً ، وذلك للطلاب الغير ملتزمة ولا مهتمة بالتعليم  وذلك عن طريق تطبيق درجات على السلوك ودرجات من المجموع على النشاط الأخلاقي للطالب داخل المدرسة.


- التواصل المفتوح بين الطلاب ومعلمهم، من خلال بناء الثقة المتبادلة بينهم، وتشجيعهم على التحدث عن العنف بشكلٍ مناسب، والاستماع الجيد لأسئلتهم ومناقشتهم حول مخاوفهم تجاه العنف المدرسي يقلل من المشاكل المدرسية أو أى نوع من أنواع العقاب.


وفى الختام: عن العنف المدرسي


لكل أسرة ، معلم أو طالب ، العنف المدرسي هو من أكثر الظواهر خطورة على مجتمعاتنا ولا يتم حله بجهد شخصي أو جهد طرف واحد ، فهى منظومة واحدة متكاملة مثل أضلاع المثلث يجب أن تتكاتف سويا لمواجهة هذا العنف حتى ننشأ جيل ناجح ومحترم يفيد نفسه وأسرته ومجتمعه .



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -